كم وزنك ؟
في جلسة هادئة مع رفقة متنوعة الأعراق والأعمار والألوان والأهواء والمناصب والمراتب ، طرح أحد الجلوس سؤالا عابرا لأحد الجلوس ....ـ
كم وزنك ؟
وكان المعني بالسؤال من الحجم الكبير ، يعني يزيد عن المئة بكثير ، ولكنه رد بلباقة دون تفكير ، وقال :ـ
مهما بلغ حجمي ، فأنا أخف منك وزنا ودما وعقلا ، وضحك الجميع ، ورد آخر وزني 100 كم ، وتابع جميع الحضور، وذكر كل واحد وزنه بالكيلو والجرام بالتمام والكمال ، وتطرق الأمر إلى الرشاقة والوسامة والرياضة ، سوى رجل واحد قال :
أنا لا وزن لي !!
فدوت الكلمة دويا قويا ، أضفى على المكان صمتا رهيبا !ـ ، أصاب
البعض في مقتل ، وقرع جرسا قويا لا يستطيع أحد أن يسكته .
وتابع دون تردد .........ـ
أنا لا وزن لي ، فقد عشت عمرا طويلا ، وأوشكت على الرحيل ومغادرة الحياة ، فلم أزد عليها شيئا ، بل كنت زيادة عليها ! ـ
صحيح أنا كبرت و تعلمت وتوظفت وتزوجت وأنجبت ، ولكني كنت مجرد خيال أو ظل تابع لغيره في القول والفعل ، منذ بداية حياتي وأنا طفل ، ملابسي يختارها أبي وأمي ، حتى وصلت الجامعة التي أجمعت عليها العائلة ، دون مشاورتي أو أخذ رأيي ، فجأة وجدت نفسي في الكلية التي حلم بها أبي ، حتى الوظيفة كانت من اختيار أبي ، ثم تولت أمري زوجتي ، ورسمت لي خطا مستقيما ، يذكرني دائما بمعلم الرياضيات الذي كان يشرح درس القطع المستقيمة في الأول إعدادي من القرن الماضي ، وأنتم أدرى بالباقي .....ـ
ولا أزيد على أنني أذهب إلى عملي ، وأسمع كلام مديري في كل شيء ، حتى لو قال : الشمس تشرق صباحا ، وتغرب مساء ، أقول آمين ، والأرض كروية ، واليوم 24 ساعة ، لا أخالفه أبدا ، لأنه أكبر وأدرى مني ....ـ
بل كنت أرى بعض الخطأ ، وأسكت عليه ، وأرى الظالم يظلم المظلوم ، ولا أرد الظلم عنه وأنا قادر ، يمنعني الحرج والخوف ووووووو، وأرى وأرى وذرفت عيناه بالدموع
وآكل وأشرب مثل كل المخلوقات ، وأجلس معكم ...ـ
فعندما قلت أنني لا وزن لي فأنا صادق ، لأنني أشعر بأنني كنت عالة على هذه الدنيا ......
واستمر يسرد تقصيره تجاه ونفسه وأهله وأولاده ووطنه ودينه وأمته
حتى بكى البعض ، لأن وجه الشبه كان كبيرا لأكثر الحضور ، ولكن قليلا من يعترف بذلك !ـ
انتهى كلام الرجل عند هذا الوزن .....ـ
فهل هناك وجه شبه بيننا نحن ( أنا وأنت ) مع هذا الرجل الذي لا وزن له ؟
وإن كنا كذلك ، فهل سنظل هكذا زيادة وعالة على هذه البسيطة ؟
نأخذ ولا نعطي ، نطالِب ولا نُطالَـَب ، ننقد الآخرين ولا ننقد أنفسنا ، ونعيب غيرنا ولا نعيب أنفسنا ، ونطالب بتغيير كل من حولنا ، وننسى أن نبدأ بتغيير أنفسنا ...؟
فكم وزنك الآن في بيتك وعملك ووطنك ودينك وفي العالم كله ؟
أنا عرفت وزني الآن
فهل عرفت أنت وزنك ؟